مصر تطلق مشروع الشبكة القومية لرعاية مرضى السكتة الدماغية: خطوة حاسمة لإنقاذ الأرواح وتقليل الإعاقات
كتب/أحمد حسان

في تحرك وطني غير مسبوق يعكس التزام الدولة بتطوير المنظومة الصحية وتعزيز الاستجابة الطبية السريعة، ترأس الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، اجتماع اللجنة العليا لمتابعة مشروع «الشبكة القومية لرعاية مرضى السكتة الدماغية»، بحضور ممثلين عن مختلف الوزارات والهيئات المعنية.
مشروع وطني لإنقاذ كل دقيقة
جاء هذا المشروع في إطار الجهود الوطنية للحد من معدلات الوفيات والإعاقات الناتجة عن السكتة الدماغية، والتي تُعد من أكثر الأسباب شيوعًا للوفاة في مصر والعالم. ويهدف المشروع إلى إنشاء شبكة قومية تربط بين المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، والمستشفيات الجامعية، ومؤسسات القوات المسلحة والشرطة، إلى جانب المستشفيات الخاصة، من أجل تسريع التدخل العلاجي والوصول الفوري للمرضى.
وأكد الدكتور خالد عبدالغفار أن المشروع يمثل نقلة نوعية في جودة الخدمات الطبية، حيث سيعتمد على بروتوكولات علاجية موحدة وتكنولوجيا متقدمة، بما يتيح التدخل الفوري لإنقاذ المرضى، مشيرًا إلى أن نجاح هذا المشروع سيسهم بشكل مباشر في خفض معدلات الوفاة وتقليل المضاعفات والإعاقات طويلة الأمد.
السكتة الدماغية: تحدٍ صحي عالمي
وخلال الاجتماع، أوضح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، أن السكتة الدماغية تُعد السبب الثاني عالميًا للوفاة، وتُكلّف الاقتصاد العالمي أكثر من 721 مليار دولار سنويًا. وفي مصر، يبلغ معدل الانتشار نحو 963 حالة لكل 100 ألف نسمة، بينما يُقدّر عدد الإصابات السنوية بين 150 و210 آلاف حالة، لتحتل السكتة الدماغية المرتبة الثالثة ضمن أسباب الوفاة بعد أمراض القلب والجهاز الهضمي.
ورغم أن نسبة من تزيد أعمارهم على 50 عامًا لا تتجاوز 12.7% من عدد السكان، إلا أن نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية بين الشباب تصل إلى 20.5%، ما يعكس خطورة المرض وضرورة الاستعداد له على كل المستويات.
منظومة متكاملة للعلاج والتأهيل
واستعرض الاجتماع نموذج وحدات رعاية السكتة الدماغية المثالية، والتي تشمل خدمات القسطرة، وأدوية إذابة الجلطات، والاستئصال الميكانيكي للجلطات، والأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي، بالإضافة إلى رعاية ما بعد السكتة، والدعم النفسي، والتأهيل الوظيفي، والوقاية الثانوية.
كما تم التأكيد على أهمية تدريب الكوادر الطبية وتأهيلها وفقًا لأحدث الممارسات العالمية، وتوفير البنية التحتية من أجهزة وتجهيزات وأدوية، بما يضمن تقديم الخدمة في الوقت المناسب وبأعلى جودة ممكنة.
قاعدة بيانات وطنية وتكامل إلكتروني
ومن بين أبرز مخرجات المشروع، إنشاء قاعدة بيانات وطنية شاملة لرصد حالات السكتة الدماغية على مستوى الجمهورية، إلى جانب تطوير نظام إلكتروني يربط بين جميع المستشفيات والجهات المعنية، لتسريع تبادل المعلومات وضمان الاستجابة الفورية.
ووجّه وزير الصحة في ختام الاجتماع بضرورة إعداد كتيب موحد يضم المواصفات الفنية والإنشائية لوحدات الرعاية، مع قوائم الاستشاريين المؤهلين، وتفاصيل تجهيزات المستشفيات، مؤكدًا أهمية التوزيع العادل للموارد الطبية بناءً على الكثافات السكانية والمعايير الدولية.
مشاركة واسعة وتكامل مؤسسي
شارك في الاجتماع عدد من القيادات الصحية والأكاديمية والعسكرية، من بينهم الدكتور حسام صلاح رئيس اللجنة وعميد كلية طب جامعة القاهرة، وممثلو وزارات الداخلية، والدفاع، والتعليم العالي، والتضامن الاجتماعي، وهيئات الدواء والشراء الموحد والاعتماد والرقابة الصحية، إلى جانب ممثلي الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
رؤية وطنية شاملة
يعكس هذا المشروع التزام الدولة بتوفير الرعاية الصحية المتقدمة لجميع المواطنين، وبناء منظومة طبية تعتمد على السرعة والدقة في الاستجابة لحالات الطوارئ، مما يمهّد الطريق نحو مستقبل صحي أكثر أمانًا، ويؤكد أن كل دقيقة تُنقذ حياة.