أخبار

التنمر جرح صامت في مجتمع يتحدث كثيرًا عن الأخلاق والفضيله

كتبت منى محمود يوسف

 

في زمن أصبحت فيه الكلمة تلقى بسهولة على مواقع التواصل أو في ساحات المدارس والشوارع انتشر التنمر كأحد أخطر الأمراض الاجتماعية التي تقتل النفوس قبل الأجساد.

فهو ليس مجرد سخرية عابرة أو هزار بل فعل يحمل في داخله إهانة وتقليل من شأن إنسان كرمه الله

“لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ”

 

 

_ التنمر في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية

 

ديننا الحنيف حارب كل أشكال الإيذاء اللفظي والمعنوي وأمرنا بالرحمة والتواضع.

قال تعالى في كتابه العزيز:

 

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَومٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ”

(سورة الحجرات – آية 11)

 

 

 

هذه الآية الكريمة تختصر مفهوم التنمر في أبلغ صوره فالسخرية من الآخرين قد تخفي وراءها كبرًا وجهلًا وربما تهلك صاحبها دون أن يدري.

 

كما قال رسول الله ﷺ:

 

“المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”

(رواه البخاري)

 

 

 

فالكلمة التي تؤذي والنظرة التي تحقر والضحكة التي تجرح كلها من صور التنمر التي نهى عنها الإسلام.

وقد كان النبي ﷺ أرحم الناس بالضعفاء يجالسهم ويكرمهم ويعلم أمته أن الكرامة الإنسانية لا تقاس بالمظهر أو القوة أو الغنى.

 

_ أنواع التنمر وصوره الحديثة

 

لم يعد التنمر اليوم يقتصر على ساحة المدرسة أو الشارع بل انتقل إلى العالم الرقمي. السوشيال ميديا عبر ما يعرف بـ”التنمرالإلكتروني”

سخرية تعليقات جارحة صور مهينة كلها أسلحة جديدة تستخدم خلف شاشات الهواتف وأصبح غالبيه الشباب يتخذها محتوى له على صفحاته وقنواته ع السوشيال ميديا ليذيد مشاهداته

ليصبح الأذى أكثر قسوة لأن ضحيته تواجهه في صمت.

 

_ هناك أيضًا التنمر الأسري

حين يستهزئ أحد الوالدين من ابنه أو يقارنه بغيره والتنمر المهني في بيئة العمل حين يهان الموظف أو يحارب نفسيًا من زملائه او مديره

وكل هذه الصور تؤدي إلى آثار نفسية عميقة مثل فقدان الثقة والعزلة والاكتئاب وربما الانتحار في بعض الحالات.

 

_ كيف نواجه التنمّر؟

 

مواجهة التنمر لا تبدأ من القوانين فقط بل من البيت والتربية.

فالأسرة هي أول مدرسة يتعلم فيها الطفل احترام الآخرين وتقبل الاختلاف.

حين يرى الأبوان أبناءهم يقلدون سلوكًا ساخرًا أو يتلفظون بكلمات جارحة عليهم أن يتدخلوا فورًا بالتوجيه والتصحيح لأن السكوت في الصغر هو ما يصنع متنمرًا في الكبر.

 

كما تتحمل المدارس دورًا محوريًا في بناء بيئة آمنة من خلال التوعية المستمرة بخطورة التنمر وتشجيع الطلاب على الإبلاغ عن أي سلوك مسيء دون خوف.

ويمكن للمعلمين غرس ثقافة

“احترام الذات والآخرين” في الأنشطة المدرسية والمناهج التعليمية لأن الكلمة الطيبة قد تنقذ نفسًا من الانكسار.

فالكلمة الطيبة صدقة

أما في المجتمع العام فلابد من تعزيز الوعي المجتمعي عبر الحملات الإعلامية والمؤسسات الدينية والثقافية لتوضيح أن المتنمر ليس قويًا بل ضعيفًا داخليًا وأن السخرية ليست شجاعة بل انحدار أخلاقي.

” فلا للتنمر ”

 

_ وفي مواجهة التنمر الإلكتروني علينا تعليم أبنائنا الاستخدام الواعي للتكنولوجيا وعدم الانجراف وراء السخرية أو نشر المحتوى المسيء.

كما يجب سن قوانين أكثر صرامة ضد المتنمرين عبر الإنترنت لحماية الضحايا وردع المعتدين مع إنشاء منصات دعم نفسي لتقديم المساعدة الفورية لكل من يتعرض للتنمر.

 

_ ولا ننسى دور الإعلام والمشاهير فالكلمة التي يسمعها الملايين يمكن أن تحدث فرقًا حين تستخدم لنشر التسامح والرحمة بدلًا من السخرية والإساءة.

 

_و ختامًا

يبقى التنمر خطرًا يهدد إنسانيتنا قبل أن يؤذي ضحاياه.

ومثلما علمنا الإسلام أن الكلمة الطيبة صدقة فإن الكلمة الجارحة خطيئة.

فليكن شعارنا في الحياة:

“كن رحيمًا تكن إنسانًا ” ” ولا للتنمر “

دليل اطباء الاجواء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: