عودة الملياردير المتمرّد إيلون ماسك يسعى لتفكيك احتكار الحزبين في أمريكا
كتبت/سهام إبراهيم علي

بعد سنوات من التردد والتحالفات المتقلبة، يعود الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى الساحة السياسية بمشروع طموح لتأسيس “الحزب الأمريكي”، في خطوة تهدف إلى كسر احتكار الحزبين الجمهوري والديمقراطي للسلطة التشريعية في الولايات المتحدة.
ووفقًا لتحليل نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، يخطط ماسك لخوض غمار الانتخابات النصفية المقبلة، التي تُجرى كل عامين لتجديد جميع مقاعد مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ، أملاً في أن يُحدث توازنًا جديدًا داخل الكونجرس من خلال تمويل مرشحين من حزبه الجديد.
مشروع ضخم.. وتحالفات سابقة مثيرة للجدل
يُعد ماسك أحد أبرز الشخصيات الجدلية في السياسة الأمريكية مؤخرًا، إذ سبق له أن تعاون مع الرئيس السابق دونالد ترامب ضمن “وزارة الكفاءة الحكومية”، قبل أن ينقلب عليه لاحقًا بعد خلافات علنية بشأن الضرائب والإنفاق.
ويشير التحليل إلى أن تاريخ ماسك السياسي غير المستقر يثير شكوكًا حول مدى التزامه بمشروع الحزب الجديد، لا سيما وأنه أعلن في السابق عزوفه عن السياسة ثم عاد بعدها بأيام فقط ليطرح فكرته الجديدة.
درس من ترامب وساندرز
يُبرز التقرير أن نجاح التجربة يتطلب تركيزًا على القضايا التي تجاهلها الحزبان الكبيران، مثلما فعل دونالد ترامب على اليمين وبيرني ساندرز على اليسار، فكلٌّ منهما نجح في استقطاب جماهير واسعة بالحديث عن قضايا محددة مهملة.
ففي حالة ترامب، ركزت حملته على ثلاث قضايا جوهرية: الهجرة، والتجارة، والأمن القومي. ويرى محللو “بوليتيكو” أن ماسك قد يجد مدخلًا مشابهًا عبر قضية التجارة الحرة، خاصة مع ارتفاع تأييد الناخبين المستقلين لها إلى 81% في ربيع 2025، وفق بيانات مؤسسة “جالوب”.
ثغرات في خطاب الحزبين
يشير التقرير إلى أن كلاً من الجمهوريين والديمقراطيين فشلوا في تقديم رؤية اقتصادية متماسكة للتعامل مع الدين العام المتصاعد والإنفاق الحكومي الضخم، ما يترك مساحة فارغة يمكن لحزب جديد أن يملأها بخطاب مختلف.
فالجمهوريون ركزوا على التخفيضات الضريبية دون تقليل الإنفاق، بينما تبنّى الديمقراطيون برامج إنفاق ضخمة دون فرض الضرائب التي وعدوا بها على الأثرياء. أما ماسك، فقد عبّر سابقًا عن استيائه من هذا الإنفاق “غير العقلاني” واقترح تقليصه بأسلوبه المعروف بالصراحة والحدة.
مليارات على طاولة السياسة
يمتلك ماسك، بثروته التي تتجاوز 200 مليار دولار، القدرة المالية على تمويل تجربة انتخابية واسعة النطاق تشمل عدة ولايات في وقت واحد. لكن يظل السؤال: هل يستطيع رجل الأعمال الذي اعتاد على القرارات الفردية إدارة حزب سياسي منظم يخوض انتخابات معقدة في بيئة منقسمة بشدة؟
ويختم التحليل بأن “الحزب الأمريكي”، إن تمكّن من التحول إلى كيان سياسي منضبط، قد يُحدث اضطرابًا في النظام الحزبي الراسخ في واشنطن، لكنه سيبقى رهين التزام ماسك وقدرته على الانتقال من المسرح الرقمي إلى واقع السياسة اليومية