
في ظل عالم متغير يفرض تحديات سياسية واقتصادية وأمنية متصاعدة،
جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر كخطوة استراتيجية تعكس رغبة باريس والقاهرة في ترسيخ شراكة متعددة الأبعاد،
تمتد من الملفات الأمنية إلى الثقافة والاقتصاد.
رسائل سياسية واضحة
اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره الفرنسي لم يكن مجرد زيارة بروتوكولية،
بل حمل رسائل سياسية واضحة تؤكد أن مصر لا تزال شريكًا محوريًا لفرنسا في المنطقة.
وفي وقت يشهد فيه الشرق الأوسط اضطرابات مستمرة، تسعى باريس إلى تعزيز نفوذها عبر بوابة القاهرة، التي تمثل ركيزة للاستقرار الإقليمي.
الحسين… محطة رمزية
الجولة التي قام بها الرئيسان في منطقة الحسين، بما تحمله من رمزية دينية وثقافية،
كانت بمثابة رسالة أخرى موجهة للداخل والخارج؛ مفادها أن مصر، رغم ما تمر به من تحديات،
ما زالت تحافظ على هويتها الثقافية وتفتح أبوابها أمام العالم.
ماكرون، الذي بدا منبهرًا بالتراث المصري، لم يفوت الفرصة للإشادة بما وصفه بـ”الروح الحية” التي تنبض بها شوارع القاهرة.
ملفات استراتيجية على الطاولة
من بين أبرز الموضوعات التي تم تناولها: مكافحة الإرهاب،
والتعاون في مجالات الأمن والطاقة، ودعم جهود التنمية في إفريقيا.
وتأتي هذه الملفات في سياق تقاطع مصالح البلدين، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية في السودان وليبيا،
وتنامي المخاوف الأوروبية من موجات الهجرة غير الشرعية.
اقتصاد وثقافة… أذرع ناعمة للتقارب
إلى جانب الملفات الأمنية، أولى الجانبان اهتمامًا كبيرًا للتعاون الثقافي والاقتصادي،
حيث تسعى فرنسا إلى تعزيز حضور شركاتها في السوق المصري،
في حين ترى القاهرة في باريس شريكًا مهمًا في مجالات التكنولوجيا والتعليم والسياحة.
هذا التوجه يعكس تحولًا في نمط العلاقات من الطابع السياسي التقليدي إلى شراكة متكاملة.
خلاصة المشهد
زيارة ماكرون لمصر لم تكن مجرد حدث دبلوماسي،
بل خطوة محسوبة في سياق إعادة رسم التحالفات الإقليمية والدولية.
ومصر، التي تسعى للعب دور أكثر تأثيرًا في الملفات الإقليمية،
تجد في فرنسا حليفًا غربيًا قادرًا على تقديم الدعم في محافل السياسة الدولية.
النتيجة: شراكة مصرية-فرنسية آخذة في التبلور،
تقوم على أسس من المصالح المشتركة والرؤى المتقاربة،
في عالم يتطلب من الدول مزيدًا من التنسيق والتعاون لمواجهة تعقيدات المرحلة الراهنة.