اخبار عالمية

تغيرات على خريطة الطاقة العالمية بعد حرب أوكرانيا

كتبت / نيره جمال

فرضت الحرب الروسية في أوكرانيا معادلات جديدة في أسواق الطاقة العالمية، خاصة وأن روسيا أحد أكبر اللاعبين في مجال الطاقة، كانت مصدر إمداد كبير لدول الاتحاد الأوروبي التي كانت تعتمد بأكثر من 40% من إمداداتها على النفط والغاز الروسي.

ومع بدء شرارة الحرب في أوكرانيا، واتخاذ الاتحاد الأوروبي لحزم متلاحقة ومكثفة من العقوبات على روسيا، برز “سلاح الغاز” كأحد أهم أوراق القوة في يد روسيا، واستدعى تحركاً أوروبياً سريعاً لمواجهة أزمة كانت تتفاقم بشكل سريع خاصة خلال فصل الشتاء، حيث تصل معدلات الاستهلاك لذروتها.

ورغم نجاح بعض الخطوات الأوروبية في إيجاد بدائل للغاز الروسي، إلا أن تداعيات اقتصادية كبيرة خلفتها تلك الخطوات، فضلاً عن تخلي بعض الدول الأوروبية عن أهدافها المتعلقة بالمناخ، بعد عودتها لاستخدام الفحم الحجري وزيادة الاعتماد على محطات الطاقة النووية لسد فجوة العجز في احتياجات الطاقة.

وكان من أبرز التغيرات التي طرأت على الخريطة العالمية للطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، زيادة الاعتماد الأوروبي على واردات الغاز من الشرق، حيث قفزت الجزائر للمرتبة الثانية في قائمة الدول المزودة لأوروبا بالغاز، بعد الولايات المتحدة التي تصدرت القائمة.

تداعيات مباشرة

أدت الحرب في أوكرانيا إلى تداعيات مباشرة أبرزها كان الارتفاع الذي وصل لمستويات قياسية في أسعار النفط والغاز، خلال الأشهر التي تلت الحرب قبل أن تعود لمستوياتها الطبيعية خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتراجعت الإمدادات الروسية إلى أوروبا إلى أقل من 10%، مع خطط سريعة للاستغناء عن الواردات الروسية من الطاقة، في حين استغنت ألمانيا صاحبة أكبر الاقتصادات الأوروبية عن الواردات الروسية بشكل نهائي.

واستفادت أوروبا من الإغلاقات التي كانت تفرضها الصين أكبر مستهلكي الطاقة في العالم، لمواجهة جائحة كورونا، حيث منع انكماش الطلب الصيني على النفط والغاز انفجاراً أكبر في أسعار الطاقة عالمياً.

وشجع تحمّل أوروبا لتداعيات أزمة الطاقة التي خلفتها الحرب في أوكرانيا، الاتحاد الأوروبي لتفعيل قرار حظر واردات النفط الروسي الذي دخل حيز التنفيذ ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، في محاولة لتقليص إيرادات موسكو بعد غزوها لأوكرانيا، بالتزامن مع وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي، وهي الخطة التي هددت روسيا بالرد عليها بخفض إنتاجها من النفط.

وجهات جديدة

تحولت الولايات المتحدة إلى أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، لأول مرة في تاريخها بعد اتفاق على إمداد أوروبا بـ10% من قيمة الغاز الذي كانت تستورده من روسيا.

ولجأت أوروبا للاتجاه شرقاً لإكمال مخططات الاستغناء عن الطاقة الروسية وسد العجز في الطاقة، حيث لجأت ألمانيا وإيطاليا لإبرام اتفاقات مع الجزائر وقطر ومصر لاستيراد الغاز.

وأزاحت الجزائر، روسيا من المركز الثاني في قائمة الدول المصدرة للغاز لأوروبا، بعد أن أصبح إجمالي ما تصدره يومياً نحو 90 مليون متر مكعب يومياً، في حين تراجعت روسيا إلى المرتبة الثالثة بنحو 80 مليون متر مكعب.

ووقعت ألمانيا اتفاقاً مع قطر، لتزويدها بمليوني طن من الغاز الطبيعي المسال يومياً عبر ناقلات بحرية، في اتفاق يبدأ تنفيذه عام 2026، ويستمر لمدة 15 عاماً، في حين أبرمت إيطاليا والجزائر، اتفاقاً لبناء خط أنابيب غاز جديد، يهدف لرفع واردات الغاز إلى نحو 70 مليار متر مكعب سنوياً خلال العامين المقبلين.

الخطط المناخية

تأثرت خطط المناخ بشكل كبير جراء العودة لاستخدام الفحم في توليد الكهرباء، ورغم النجاح الجزئي الأوروبي في تجاوز أزمة الطاقة خلال هذا الشتاء إلا أن تداعيات الأزمة لم تنته تماماً، خاصة مع حاجة الدول الأوروبية لملء خزاناتها من الغاز.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة في العام 2022 ازدادت بنسبة 0,9 %، لتسجّل رقماً قياسياً، إلا أن هذا المعدل يبقى أقل مما كان متوقعاً وذلك بفضل الاستخدام المتزايد لمصادر الطاقة المتجددة.

وقالت الوكالة إن “خطر ارتفاع حاد في نسبة الانبعاثات بسبب زيادة استخدام الفحم في سياق أزمة الطاقة لم يتحقق، كما أن اللجوء المتزايد إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسيارات الكهربائية وعوامل أخرى أدت إلى كبح انبعاثات ثاني أكسيد الكربون”.

وأوضحت الوكالة أن الانبعاثات الناجمة عن الطاقة والتي تمثل أكثر من ثلاثة أرباع غازات الدفيئة الإجمالية، تحافظ على “مسار نمو غير مستدام” ما يفاقم ظاهرة تغير المناخ.

وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، إنه لن يبكر موعد التخلي عن الفحم في ألمانيا الشرقية إلا في حال استمرار أمن إمدادات الطاقة، في حين ارتفع معدل استيراد الفحم القاري إلى ألمانيا بنسبة 8% العام الماضي، في مؤشر على تزايد اعتماد البلاد على الفحم في توليد الطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: