
تُعد حماية حقوق الإنسان عملية تراكمية ومستدامة، وقد خطت مصر خطوة مهمة في هذا الاتجاه بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عام 2021، التي تهدف إلى تعزيز احترام وصون جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في الدستور والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية والإقليمية التي انضمت إليها مصر.
وتسعى هذه الاستراتيجية إلى تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون أي شكل من أشكال التمييز، لتصبح بمثابة خريطة طريق وطنية طموحة وأداة مهمة لتطوير منظومة حقوق الإنسان في الدولة.
وفي إطار هذه الجهود، يأتي تمكين المرأة المصرية كأحد المحاور الأساسية التي تعمل عليها الدولة لتحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين في مختلف مجالات الحياة، التزامًا بما نص عليه الدستور من كفالة حقوق المرأة وضمان حمايتها سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
المحاور التي تقوم عليها الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030
أولًا: التمكين السياسي للمرأة ومشاركتها في صنع القرار
أقرّ الدستور المصري عددًا من المواد التي تعزز مشاركة المرأة في الحياة السياسية ووصولها إلى الوظائف العامة ومناصب الإدارة العليا والجهات القضائية دون تمييز.
وتكفل الدولة للمرأة حق التصويت والترشح في جميع الانتخابات، وضمنت تمثيلًا مناسبًا لها في المجالس النيابية، حيث خُصص 27% من مقاعد مجلس النواب و14% من مقاعد مجلس الشيوخ للنساء، إضافة إلى 25% من المقاعد في المجالس المحلية.
وتتولى المرأة حاليًا 25% من الحقائب الوزارية، و25% من المناصب القيادية بالبنك المركزي، و12% من مجالس إدارات البنوك. كما تولت لأول مرة منصب محافظ، وتشغل 31% من مناصب نواب المحافظين و27% من نواب الوزراء، إلى جانب مناصب قيادية أخرى مثل رئاسة الأحياء والمجالس المحلية، وحتى منصب مستشارة الأمن القومي لرئيس الجمهورية.
كما يجري العمل على زيادة تمثيل المرأة في الهيئات القضائية مثل مجلس الدولة والنيابة العامة، تأكيدًا لحقها الدستوري في المساواة وعدم التمييز.
ثانيًا: التمكين الاقتصادي للمرأة
تحظى المرأة المصرية بدعم تشريعي واقتصادي واضح من خلال مجموعة من القوانين التي تكفل حقوقها في العمل والاستثمار.
فقد منح قانون الخدمة المدنية مزايا متعددة للأمهات العاملات، كما أقرّ قانون الميراث ضمانًا لحق المرأة في الحصول على نصيبها الشرعي.
كذلك يضمن قانون الاستثمار تكافؤ الفرص بين الجنسين في مجال الاستثمار ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال.
كما تم إنشاء وحدات لتكافؤ الفرص داخل جميع الوزارات، بهدف تحقيق المساواة النوعية في بيئة العمل ومواجهة أي ممارسات تمييزية ضد المرأة.
ثالثًا: التمكين الاجتماعي للمرأة
تسعى الاستراتيجية إلى تحسين جودة حياة المرأة المصرية من خلال خفض معدلات الأمية والتسرب من التعليم بين الفتيات، وحماية المرأة المعيلة والمسنات والفئات الأكثر احتياجًا.
كما تهدف إلى خفض وفيات الأمهات، ودعم صحة المرأة المصرية عبر المبادرات الرئاسية وبرامج الحماية الاجتماعية مثل “تكافل وكرامة”، و”حياة كريمة”، ومبادرة “مصر بلا غارمين وغارمات” التي تسهم في رفع الأعباء المالية عن السيدات محدودات الدخل.
بهذه المحاور الثلاثة — السياسي، الاقتصادي، والاجتماعي — تمضي مصر بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية تمكين المرأة 2030، التي تسعى إلى ترسيخ مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، بما يضمن مشاركة فاعلة للمرأة في بناء المجتمع وتنمية الوطن.






