شهدت أوكرانيا عمليّات قصف روسيّة كثيفة، غداة تلقّيها وعوداً بالحصول على أسلحة غربيّة طويلة المدى، في وقت أقر فيه الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنّ الوضع “يتعقّد” على الأرض، وبدأ التدريب على الدبابات الغربية.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانيّة إنّ “العدوّ يتجمّع في بعض المناطق. يُركّز جهوده الرئيسيّة على شنّ عمليّات هجوميّة في اتّجاه كوبيانسك وليمان وباخموت وأفدييفكا ونوفوبافليفكا”، وفي منطقة دونيتسك شرق البلاد، استهدفت نيران المدفعيّة “الثقيلة” أفدييفكا على خطّ الجبهة، بعد أن استُهدفت مدينة كراماتورسك التي يرغب أيضاً الروس في السيطرة عليها، بصواريخ وفق ما أعلنت السلطات الأوكرانية.
وفي الساعات الـ 24 الأخيرة، استهدفت صواريخ “منشآت مدنيّة” واقعة في أراضي 26 مدينة في منطقة زبروجيا جنوباً، وتواصلت عمليات القصف في مدينة خيرسون الكبيرة في جنوب البلاد التي استولى عليها الروس ثم انسحبوا منها، وقتل فيها شخص وجرح آخر.
ومن جانبهم، أكد حرس الحدود الأوكرانيون صدّ “هجوم للغزاة” وطردهم من ضاحية باخموت، بعد أن كشفت عملية استطلاع جوية أن “العدو يستعدّ لمهاجمة” هذه المدينة، مركز المعارك في أوكرانيا.
وقالت نائبة وزير الدفاع هانا ماليار: “هذا الأسبوع، بذلت قوات الاحتلال الروسي كل جهودها لاختراق دفاعنا ومحاصرة باخموت، وشنت هجوماً قوياً على منطقة ليمان. لكن بفضل صمود جنودنا، فشلت”.
وضع معقد
وفي رسالته اليوميّة، أكد زيلينسكي “خلال 346 يوماً من هذه الحرب، كثيراً ما قلتُ إنّ الوضع على الخطوط الأماميّة صعب.
والوضع يزداد تعقيداً”، وأضاف “نحن الآن مجدّداً في مثل هذه اللحظة. لحظة يحشد فيها المحتلّ المزيد والمزيد من قوّاته لكسر دفاعنا. إنّ الوضع صعب جدّاً الآن في باخموت وفوغليدار وليمان (في الشرق) وغيرها من المناطق”.
وأوضح الرئيس الأوكراني أن “الجيش سيدافع ما استطاع عن مدينة باخموت المهمة في شرق البلاد، التي يسعى الجيش الروسي للاستيلاء عليها منذ أشهر”، مشدداً على أن “أحداً لن يتخلى عن هذا الحصن”.
وشهدت مدينة باخموت مواجهات عنيفة حولت بعض الأحياء إلى أنقاض، كما عانت مدينة أوديسا انقطاعاً كبيراً للتيار الكهربائي بعد حادثة تقنية في محطة كهربائية لطالما استُهدفت بقصف روسي في الآونة الأخيرة.
وقال رئيس الإدارة المحلية ماكسيم مارتشينكو إن “منطقة ومدينة أوديسا محرومتان بشكل شبه كامل من التيار الكهربائي. قرابة 500 ألف شخص ليست لديهم كهرباء”، وأكد وزير الطاقة غيرمان غالوشتشينكو أنه “تم تزويد كل البنية التحتية الأساسية (بالطاقة). وبالتالي فإن المدينة سيكون لديها مياه وتدفئة. نحو ثلث المستهلكين لديهم كهرباء”.
وعود غربية جديدة
وتلقت أوكرانيا أول أمس الجمعة، في يوم انعقاد قمة مع الاتحاد الأوروبي في كييف، وعوداً بالحصول على أسلحة غربية طويلة المدى، وتشمل مساعدة أمريكية جديدة تبلغ قيمتها 2.2 مليار دولار أعلنتها واشنطن، صواريخ قد تضاعف تقريباً مدى الضربات الأوكرانية، على ما أفاد البنتاغون.
كما تتضمن خصوصاً قنابل صغيرة من نوع GLSDB متّصلة بصواريخ تُطلَق من الأرض ويصل مداها إلى 150 كيلومتراً، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن “تسليم هذه القنابل لن يحصل قبل أشهر عدة بسبب مواعيد الإنتاج”، وقال زيلينسكي: “إذا تسارعت عمليات تسليم أسلحة (غربية لكييف) ولا سيما أسلحة بعيدة المدى، فلن نكتفي بعدم الانكفاء من باخموت، بل سنباشر وضع حد لاحتلال دونباس”، المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا وتسيطر روسيا على قسم منها.
وتزامناً، أعلنت باريس أن فرنسا وإيطاليا ستمدان كييف في الربيع منظومة دفاع أرض جو متوسطة المدى من طراز “مامبا” لمساعدة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها في وجه هجمات المسيّرات والصواريخ والطائرات الروسية، فيما أعلنت البرتغال أنّها مستعدة لإرسال دبابات ثقيلة من طراز “ليوبارد 2” ألمانية الصنع إلى أوكرانيا.
تطبيق الحظر الأوروبي
ويدخل اليوم الأحد حظر استيراد المنتجات البترولية الروسية، مثل الديزل أو البنزين، إلى الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، فيما ندد الكرملين بتدابير سلبية ستزعزع استقرار الأسواق بشكل أوسع بدلاً من التأثير على روسيا وحدها.
ويهدف الإجراء إلى تقليص عائدات روسيا من مبيعات الطاقة وبالتالي قدرتها على تمويل حربها على أوكرانيا، ووفقا لأحدث بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي “يوروستات”، صدرت روسيا منتجات بترولية مثل الديزل بقيمة بلغت أكثر من 2.3 مليار يورو (2.5 مليار دولار) للاتحاد الأوروبي في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، واستوردت ألمانيا وحدها منتجات بقيمة بلغت حوالي 558 مليون يورو .
وتقرر الحظر في يونيو(حزيران) الماضي في إطار حزمة العقوبات السادسة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، ويتوقع أن يكون هناك إعفاء مؤقت لبعض دول الاتحاد الأوروبي.
ويأتي الحظر مكملاً لحظر استيراد النفط الخام الروسي المنقول بحراً والذي دخل حيز التنفيذ اعتباراً من 5 ديسمبر(كانون الأول) الماضي، وبالإضافة إلى حظر الواردات إلى الاتحاد الأوروبي، وافق التكتل ودول مجموعة السبع اليابان وكندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة على تحديد سعر النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية من خلال السماح فقط للخدمات التي تسهل الصادرات إلى دول ثالثة إذا كانت البضائع الروسية التي تم بيعها بأقل من سقف سعري محدد.
التدريب على الدبابات الغربية
وبدأت بولندا بالفعل تدريب أفراد أوكرانيين على تشغيل دبابات قتال ألمانية الصنع من طراز “ليوبارد 2″، حسبما نقلت تقارير إعلامية عن وزير الدفاع ماريوش بلاشتشاك، وجاءت تصريحاته رداً على تقارير إعلامية ألمانية قالت إن العديد من دول الناتو تتراجع عن وعودها بتسليم ليوبارد 2 إلى أوكرانيا، وذكرت وكالة الأنباء البولندية (بي إيه بي) أن بلاشتشاك سافر إلى كييف لمناقشة خطط لتزويد أوكرانيا بدبابات ليوبارد 2.
وقال الوزير إن “بولندا تدرب بالفعل جنوداً أوكرانيين في بولندا على استخدام تلك الدبابات”، وأضاف أنه “في حين أنه لم يكن من الممكن بعد تحديد مقدار الوقت الذي سيتطلبه ذلك بالضبط، إلا أنها لن تكون مسألة أيام وليس شهور، بل مسألة أسابيع”.
وستتم مناقشة طرق تسليم الدبابات نفسها مع حلفاء الناتو في اجتماع في منتصف فبراير(شباط) الجاري، حسبما قال بلاشتشاك للقيادة الأوكرانية في كييف، وشكره وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريسنيكوف والرئيس فولوديمير زيلينسكي شخصياً على دور بولندا الرئيسي في جعل تسليم دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا ممكناً.
وبدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خلال محادثة هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس السبت، إن الجنود الأوكرانيين يتدربون بالفعل على تشغيل دبابات “تشالنجر 2” القتالية في بريطانيا.
موعد بدء التدريب
أوضح أن التدريب بدأ هذا الأسبوع، بحسب مسؤولين بالحكومة البريطانية، وقالت الحكومة البريطانية في بيان: “ناقش القادة الوضع الأخير على الأرض في أوكرانيا، وقال رئيس الوزراء البريطاني إنه يركز على ضمان وصول المعدات العسكرية الدفاعية البريطانية إلى خط المواجهة في أسرع وقت ممكن”.
ومن جانبه، أكد زيلينسكي بدء التدريب على الدبابات الغربية موضحاً أن “هذه الدبابة آلية جيدة وستكون تعزيزاً جدياً في ساحة المعركة”، وقال على قناته على موقع تيلغرام للتواصل الاجتماعي، إنه أعرب عن شكره لسوناك بشكل شخصي، وأضاف “تحدثنا أيضاً عن تعزيز قدرات الجيش الأوكراني، وعن المساعدات المختلفة لأوكرانيا على المدى القصير والطويل”.
وفي سياق متصل، أرسلت كندا أمس أول دبابة من دبابات ليوبارد 2 الموعودة إلى أوكرانيا على ما أعلنت وزيرة الدفاع أنيتا أناند، وقالت الوزيرة على تويتر: إن “طائرة تابعة للقوات الجوية الكندية أقلعت من هاليفاكس مع أول دبابة ليوبارد 2 نعطيها لأوكرانيا”، وأضافت “كندا تتضامن مع أوكرانيا وسنواصل تزويد القوات المسلحة الأوكرانية معدات تحتاجها للانتصار”.
وفي تغريدة أخرى مرفقة بفيديو يظهر تحميل الدبابة وإقلاع الطائرة، قالت الوزيرة “دبابات القتال في طريقها لمساعدة أوكرانيا. أول دبابة ليوبارد 2 كندية أرسِلت. دعم كندا لأوكرانيا لا يتزعزع”.
شولتز وزيلينسكي يدعوان لتمديد صفقة تصدير الحبوب الأوكرانية – RT Arabic
توافق مع ألمانيا
وفي مقابلة صحافية، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أن هناك توافقاً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على عدم استخدام الأسلحة المزودة من الغرب لشنّ هجمات على الأراضي الروسية، وقال لصحيفة “بيلد آم سونتاغ” الأسبوعية: “هناك إجماع على هذه النقطة”، ويأتي ذلك بعدما اتخذ حلفاء أوكرانيا خطوات جديدة في مجال الدعم العسكري، بتعهدهم منحها خصوصاً دبابات ثقيلة وصواريخ بعيدة المدى.
ومن جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الماضي إن “الدبابات الألمانية تهددنا مرة أخرى”، مقارناً بين حملته العسكرية في أوكرانيا والحرب ضد النازية خلال إحياء الذكرى الـ 80 لانتصار الاتحاد السوفياتي على جيوش هتلر في معركة ستالينغراد.
وردّ عليه شولتس في مقابلته مع صحيفة “بيلد” قائلاً: إن “تصريحاته جزء من سلسلة من المقارنات التاريخية السخيفة التي يستخدمها لتبرير هجومه على أوكرانيا”، وأضاف “لكن لا شيء يبرر هذه الحرب”، وتابع المستشار الألماني “جنباً إلى جنب مع حلفائنا، نزوّد أوكرانيا الدبابات القتالية حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها. لقد درسنا بعناية كل عملية تسليم للأسلحة، بالتنسيق الوثيق مع حلفائنا وعلى رأسهم الولايات المتحدة. هذا النهج المشترك يتيح تجنّب تصعيد الحرب”، مؤكداً أن بوتين “لم يهدده” شخصياً خلال الاتصالات الهاتفية التي أجراها معه منذ بدء النزاع.