
تقرير: أحمد عبده
تنتظر عائلة الأسير كريم يونس وأبناء الشعب الفلسطيني، يوم غدٍا الخميس، الخامس من يناير ٢٠٢٣ بفارغ الصبر، موعد تحرر كريم، بعد انتهاء أربعة عقود من الأسر في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
كريم يونس في سطور
يُعد كريم يونس، أحد أبرز الثوار الفلسطينيين، وهو عضو اللجنة المركزية، لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، والتحق بالمسيرة النّضالية، منذ ما قبل الإنتفاضة الأولى عام ١٩٨٧.
ولد يونس في الثالث والعشرين من نوفمبر ١٩٥٨، في بلدة “عارة” بأراضي عام ١٩٤٨، وهو الإبن الأكبر لعائلته.
درس في المدرسة الإبتدائية الرسمية في مدرسة (عارة)، والمرحلة الإعدادية في (عرعرة)، والثانوية في (السالزيان) في مدينة الناصرة، والتحق بجامعة “بن غوريون” في بئر السبع لدراسة الهندسة الميكانيكية،
اعتقال طالب الهندسة وأفرادًا من عائلته
في السنة الثانية من دراسته، ومن على مقاعد الدراسة اعتقل “كريم” في السادس من يناير ١٩٨٣، وجرى لاحقًا اعتقال ابن عمه “ماهر يونس”، “سامي يونس” على خلفية مقاومة الاحتلال؛
وأفرج عن الأسير سامي في صفقة التبادل عام ٢٠١١، وكان في حينه أكبر الأسرى سنّا، وتوفي بعد أربع سنوات من تحرره.
الإحتلال يحكم بإعدامه… وبعد ٣٩ عامًا من الانتظار..
تعرض كريم يونس لتحقيق قاسٍ وطويل، وحكم عليه الاحتلال بالإعدام في بداية أسره، ولاحقًا بالسّجن المؤبد “مدى الحياة”، وجرى تحديد المؤبد له لاحقًا، لمدة أربعون عامًا.
وفي العام ٢٠١٣، في ذكرى اعتقاله الـثلاثين، تُوفي والده، الحاج “يونس يونس”، وبقيت والدته الحاجة “صبحية” مرابطًةفي زيارته بانتظام في معتقل “هداريم” الذي يقبع فيه حتّى اليوم.

وبعد ٣٩ عامًا من الانتظار ،في الخامس من مايو عام ٢٠٢٢، رحلت والدته الحاجة صبحية يونس، الأم الصابرة التي انتظرته بكل ما تملك من قوة، غادرت دون أنّ تحتفي بحريته.

وفي أول رسالة له بعد وفاة والدته، قال:
“أمي زارتني في السجن ما يقارب الـ٧٠٠ زيارة، كانت تقاتل لتصلني إلى السجن، لم تكل رغم ما نثره المحتل من أشواكٍ في دربها”.
وأضاف: “برغم الألم والفُقدان إلا أنني شعرت بسعادة وفخر عندما علمت أنَّ الحاجة لُفت بالعلم الفلسطيني الذي غُرز أيضًا على أرض مقبرة قرية عارة”.
نضال عميد الأسرى الفلسطينيين
على مدار أربعون عامًا، بقي “كريم” الثائر المناضل الوفي لأبناء شعبه ورفاقه الأسرى، وكان مدرسة بالوحدة الوطنية، شارك على مدار أربعة عقود في كافة المعارك التي خاضتها الحركة الأسيرة، ومنها الإضراب عن الطعام الذي يعتبر أقسى هذه المعارك، وكان آخرها إضراب عام ٢٠١٧ الذي استمر لمدة ٤٢ يومًا.
وشكّل “إبن فلسطين” بما يحمله من فكر نضاليّ، مدرسة للأجيال التي دخلت وخرجت من الأسر، وهو صامد وقوي وثابت على مبادئه الأولى، وبقي الثائر الفاعل، في كل جوانب الحياة الاعتقالية، وأكمل دراسته داخل الأسر، وحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير.
وهو واحد من بين ٢٥ أسيرًا تواصل سلطات الاحتلال اعتقالهم منذ ما قبل توقيع “اتفاق أوسلو” قبل العام ١٩٩٣، ورفضت على مدار عقود أن تفرج عنهم، رغم مرور العديد من صفقات التبادل، والإفراجات_ وكان آخرها عام ٢٠١٤، حيث كان من المقرر أن تفرج سلطات الاحتلال عن الدفعة الرابعة من القدامى، وكان عددهم في حينه ٣٠ أسيرًا، إلا أنها تنكرت للاتفاق الذي تم في حينه في إطار مسار المفاوضات،
إضافة إلى مجموعة من الأسرى الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم عام ٢٠١٤، وهم من محرري صفقة ٢٠١١، أبرزهم نائل البرغوثي الذي دخل عامه الـ ٤٣ في سجون الاحتلال، وعلاء البازيان، وسامر المحروم، ونضال زلوم وآخرون.
رسالة كريم يونس لرفاقه الأسرى قبل الإفراج عنه
كتب الأسير كريم يونس، رسالة إلى رفاقه الأسرى قبل أيام من الإفراج عنه، قال فيها: “ها أنا أوشك أن أغادر زنزانتي المظلمة، التي تعلمتُ فيها ألا أخشى الظلام، وفيها تعلمتُ ألا أشعرَ بالغربة أو بالوحدة، لأنني بين اخوتي، اخوة القيد والمعاناة، اخوة جمعنا، قسمٌ واحد، وعهدٌ واحد”.
ويضيف: أُغادر زنزانتي، ولطالما تمنيتُ أن أغادرها منتزعًا حريتي برفقةِ اخوة الدّرب، ورفاق النّضال، متخيلًا استقبالا يعبر عن نصرٍ وانجازٍ كبيرين، لكنني أجد نفسي غير راغب، أحاول أن أتجنب آلام الفراق، ومعاناة لحظات الوداع لإخوة ظننتُ أني سأكمل العمرَ بصحبتهم، وهم حتما ثوابت في حياتي كالجبال، وكلما اقتربت ساعة خروجي أشعر بالخيبة وبالعجز، خصوصًا حين أنظر في عيون أحدهم، وبعضهم قد تجاوز الثلاثة عقود”.
وتابع: “سأترك زنزانتي، وأغادر لكن روحي باقية مع القابضين على الجمر المحافظين على جذوة النّضال الفلسطينيّ برمته، مع الذين لم ولن ينكسروا، لكن سنوات أعمارهم تنزلق من تحتهم، ومن فوقهم، ومن أمامهم، ومن خلفهم، وهم ما زالوا يطمحون بأن يروا شمس الحرّيّة لما تبقى من أعمارهم، وقبل أن تصاب رغبتهم بالحياة بالتكلفِ والانحدار…”.