قرارات هامة
قرارات هامة اتخذتها الدولة المصرية، برفع الحد الأدنى للأجور، فى لحظة عالمية تبدو استثنائية، جراء موجات عاتية من التضخم، وضعت جميع الدول، فى مواجهة مع أوضاع اقتصادية صعبة للغاية، بينما أصبح مواطنيها فى معاناة بسبب الغلاء المتزايد، وهو ما يعكس الفلسفة التى تبنتها الدولة المصرية، فى إدارة منظومة الدعم، والتى تعتمد بصورة رئيسية على إضفاء غطاء من الحماية للمواطنين، حتى يتسنى لهم التعامل مع المستجدات التى قد تطرأ عليهم بسبب الظروف، التى يشهدها العالم بأسره، وهو ما يبدو فى العديد من النماذج الدولية، ربما أبرزها على سبيل المثال تركيا، والتى تجاوزت فيها نسبة التضخم الـ80%، وهو ما يعكس حقيقتين، أولهما الطبيعة العالمية للأزمة، بينما تبقى الثانية هى تفاقمها جراء المستجدات الدولية، والتى باتت تمس قطاعات حيوية.
وهنا تبدو الأهمية الكبيرة للقرارات الهامة التى اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسى، والتى يتصدرها رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، وهى الزيادة الأكبر فى التاريخ، فى ضوء إضفاء غطاء من الحماية للفئة الأكثر تضررا من المجتمع المصرى، وهو ما يمثل نواة الرؤية المصرية، فيما يمكننا تسميته بـ”إعادة هيكلة” مفهوم الدعم، عبر عدة مسارات متوازية، أولها أن يقتصر فى الأساس على تلك الفئات، خاصة إذا ما وضعنا فى الاعتبار ضخامة المبلغ المخصص للحزمة الرئاسية، والذى يصل إلى 180 مليار جنيه، ليشمل العديد من الأبعاد، إلى جانب الأجور، منها المعاشات والجامعيين، بالإضافة إلى تخصيص 6 مليارات لتعيين 120 ألف مواطن، ناهيك عن الإعفاءات الضريبية ودعم قطاع الأطباء والتمريض.
بينما يبقى المسار الثانى للمفهوم، طبقا لرؤية الدولة المصرية، قائما على تعزيز غطاء الحماية للمواطن، فى أوقات الأزمات، وهو ما يبدو فى توقيت القرار الذى اتخذه الرئيس، والذى يتزامن مع أوضاع اقتصادية عالمية، فرضت نفسها على مصر، وعلى العديد من الدول الأخرى، وذلك لمساعدتهم على تجاوز تلك المرحلة، بينما يقوم المسار الثالث على تعزيز العمل على تحقيق التنمية الاقتصادية فى صورتها المستدامة، وذلك بالرغم من التحديات الكبيرة التى تواجه الدولة، عبر مشاريعها العملاقة، التى من شأنها تعزيز بيئة الاستثمار، من أجل مستقبل أفضل، وهو الأمر الذى ربما نجحت مصر فى تحقيقه فى العديد من المراحل خلال السنوات الماضية، خاصة خلال حقبة الوباء، عندما تمكنت من تحقيق أرقام نمو إيجابية، رغم حالة الإغلاق التى هيمنت على العالم فى تلك الفترة.
المسارات الثلاثة، حملت إلى جانبها مسارات أخرى، تجسدت فى العديد من المشاهد الهامة، ربما أبرزها مبادرة “حياة كريمة”، والتى وفرت حياة آدمية لألاف البشر من سكان العشوائيات، والدعم الذى قدمته الدولة لذوى الهمم، ناهيك عن تقديم الدعم للمتفوقين والمبتكرين، حتى يمكنهم خدمة مجتمعهم، وهو ما يعنى تحقيق استفادة عامة، لكافة الفئات، جراء القرارات الإصلاحية التى اتخذتها الدولة طيلة السنوات الماضية.
وهنا يمكن القول بأن القرارات الأخيرة للرئيس السيسى، تمثل فى جوهرها، أحد أهم الثمار التى يجنيها المواطن المصرى، جراء خطوات إصلاحية متواترة، بدأت منذ ميلاد “الجمهورية الجديدة”، حيث تأتى لخدمة فئة محدودى الدخل، بينما تعزز مفهوم الحماية الاجتماعية فى أوقات الأزمات، فى ظل الأوضاع العالمية الصعبة التى يشهدها العالم فى اللحظة الراهنة.