اخبار عالميةتقارير

أسئلة بالغة التعقيد حول المناطيد الغامضة

كتبت / نيره جمال

العلاقة بين الدول هي دوماً معقدة وفي بعض الأحيان صعبة على الفهم. أحياناً هي تدخل عالم الغريب. وعندها، على المستوى الأكثر تطرفاً، هي تدخل عالم المناطيد، والأجسام المجهولة ومقاتلات أف-22 – متلاقية كلها، كما يقولون في واشنطن، عند أكاذيب، أكاذيب لعينة وإحاطات صحافية”.

بهذه الكلمات يستهل المحلل السياسي جورج فريدمان تعليقه على تكرر مشهد المناطيد المحلقة فوق القارة الأمريكية وما رافقها من اتهامات متبادلة بين الصين والولايات المتحدة.

ويتابع فريدمان في موقع “جيوبوليتيكال فيوتشرز” أن تعقيدات هذا الوضع تتفاقم بفعل زعم الصين أن الولايات المتحدة اقتحمت الأراضي الصينية عشر مرات على الأقل بواسطة مناطيد. هذا الأمر محتمل لكنه أيضاً يثير سؤالاً عن سبب سماح بكين لهذا العدد من التدخلات بدون همسة غضب.

ما الذي يبحثون عنه؟

وفق البنتاغون، دخلت مناطيد التجسس الصينية المجالات الجوية لأكثر من 40 دولة في السنوات الأخيرة. بالنظر إلى أن هذه الأجسام مرئية إلى حد ما من الأرض، من الغريب أن أحداً لم يتحدث بصوت مرتفع، على الأقل بما يكفي لملاحظتها. السؤال هو ما الذي كان يبحث عنه الصينيون، والأمريكيون أيضاً إذا كانت اتهامات بكين المضادة صحيحة. لدى الدولتين أقمار اصطناعية تجسسية عدة مصممة ومستخدمة لرسم خرائط عن مواقع صواريخ وطائرات قادرة على حمل رؤوس نووية وموضوعة ضمن تشكيلات سترصد إطلاقاً من قبل عدو. تطورت هذه الأقمار الاصطناعية إلى أنظمة قادرة على اكتشاف مجموعة واسعة من الأجسام على الأرض كما أن بعضها قادر على رصد إشارات إلكترونية.

ما لم يدخل في صلب مهمتها

تبدو الأقمار الاصطناعية مساعدة بالتأكيد في مهمتها الأساسية: لم يحدث أي تبادل نووي. لكن كما قال معلقون كثر، لا تستطيع الأقمار الاصطناعية اكتشاف كل شيء بفاعلية. لم تصف الإدارة الأمريكية كل شيء تجسست عليه المناطيد الصينية المشتبه بها، وهو أمر معقول، لكن ذلك يقود فريدمان إلى التساؤل عن الأشياء الإضافية التي كانت الصين تبحث عنها وعن سبب الحاجة إلى أنظمة بطيئة التنقل وعلى ارتفاعات عالية. بشكل بديهي، لم يتم تكليفها برصد مروحة من الأشياء في الوقت الفعلي. من أجل توفير تغطية واسعة، على هذه المناطيد التي يجب تسميتها بالأجسام وفق الكاتب لأنها خاضعة أقله للتوجيه الجزئي، أن تحجب السماء وأن تبقى ثابتة نسبياً وبلا قدرة دفاعية، كي تبث البيانات إلى قاعدتها في الداخل. يجعلها ذلك بالتالي مرئية وقابلة للاكتشاف إلكترونياً.

صعوبة في التخيل

حسب فريدمان، أمكن أن تلقي هذه الأجسام نظرة فاحصة على أشياء موجودة على الأرض بعدما رصدتها الأقمار الاصطناعية. يجب أن تكون أهدافها ثابتة لفترة طويلة بما أن الأجسام تتنقل ببطء. علاوة على ذلك، يجب أن تكون تلك الأهداف في الهواء الطلق. غالبية تلك الأمور تراقَب بشكل أحسن من قبل أشخاص في السيارات، أو بشكل أفضل حتى، من قبل أشخاص يركبون الدراجات الهوائية أو يغيرون إطاراً في مكان استراتيجي.

يضيف الكاتب أنه يجد صعوبة في تخيل المهمة التي قد تحملها هذه الأجسام، مهمة تكون غير مرئية وتسمح بالتحليق البطيء لو دعت الحاجة، وأن تكون قادرة على تفادي الاكتشاف. قد يكون هناك بعض الأهداف المتخصصة للغاية، لكن الأسطول الذي يظهر أن الصينيين يملكونه، ويدعون أن الولايات المتحدة تملكه، يبدو مفرطاً بالنسبة إلى المهمة. كانت إحدى الطائرات الصينية تحلق فوق قاعدة جوية أمريكية محملة بلا شك بالأسرار، لكن كم سراً منها سيكون مرئياً أو معروضاً بوضوح؟

نظرية أخرى

قد تتمثل إحدى المهام نظرياً في تشتيت الانتباه. روسيا أقرب من الصين إلى ألاسكا بكثير. أن يكون لديها مركبة كبيرة وغريبة تحلق فوق البر الأمريكي يولد الذعر وفق هذا التفكير بحيث يطلب الجمهور أن تركز الحكومة الأمريكية على الدفاع الوطني لا على أوكرانيا. ثمة مئة وظيفة تشتيتية يمكن أن تخدمها هذه الأجسام لفترة زمنية محدودة، بالرغم من أن نتيجة هذه الحلقة هي ذعر منخفض وارتباك مرتفع.

ثمن الصمت الأمريكي

السؤال الأساسي وفق فريدمان هو كيف يمكن لأجسام بهذه الضخامة تحلق على ارتفاعات تسمح برؤية محسنة أن تمر من دون أن يلاحظها أحد إذا كانت الاتهامات الأمريكية والصينية قريبة حتى من الحقيقة. انطلاقاً من المعلومات المتوفرة، تتحرك المركبة بسرعة فيل ويمكن إسقاطها بواسطة مقاتلة أو صاروخ أو مقلاع موجه بشكل جيد. يجب أن تكون متطورة بشكل مدهش وهذا ما قد يفسر سبب امتناع الحكومة الأمريكية عن إعطاء أجوبة.

إذا كان ذلك من متطلبات الأمن القومي، فعندها ينبغي أن يكون الأمر على هذا النحو. لكن الثمن هو أن الحكومة الأمريكية تسقط طائرة، ومع علمها منذ البداية بأنها صينية، هي غير قادرة على إخبار الأمريكيين بما وجدته في الحطام. يعتقد الكاتب ختاماً أنه ليس بإمكان الإجابة على هذه الأسئلة عبر افتراض أن اللاعبين المعنيين أغبياء أو خونة. تحتاج الأجسام للتفسير وحتى الآن هي غير مفهومة. أولئك الذين يفضلون تفسيرات مبنية على الغباء أو الخيانة مرحّب بهم. “أفضل أن أفكر في أنني ببساطة غير قادر على فهم الحقيقة المعقدة.”

دليل اطباء الاجواء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: