تقارير

هل ساعاتنا الذكية تنقل بياناتنا لأطراف أخرى؟

كتبت/إسراء حموده أبوالعنين

كشفت تحليلات حديثة أجرتها شركة كاسبرسكي لاب أن الأجهزة القابلة للارتداء، وعلى رأسها الساعات الذكية، قد تتحول من مجرد وسيلة لمتابعة الصحة واللياقة إلى أداة خطيرة للتجسس. فهذه الساعات تجمع إشارات دقيقة مثل بيانات مقاييس التسارع والجيروسكوب، والتي يمكن تحليلها لتكوين صورة كاملة عن تحركات صاحبها وبياناته الشخصية. وإذا وقعت هذه المعلومات في أيدي أطراف غير موثوقة، قد يجد المستخدم نفسه تحت المراقبة الكاملة دون أن يشعر.

 

خلال السنوات الماضية، أثبتت التجارب أن البيانات الشخصية أصبحت “ثروة رقمية” تُباع وتشترى، سواء لاستخدامها في جرائم إلكترونية أو حتى في إعداد تنبؤات اقتصادية مبنية على سلوك المستهلكين. ورغم وعي كثير من المستخدمين بمخاطر مشاركة معلوماتهم على المنصات الإلكترونية، إلا أن الأجهزة القابلة للارتداء ما زالت تمثل خطراً خفياً لا ينتبه إليه الكثيرون.

 

أجهزة تبدو صحية.. لكنها تراقبك

يؤكد الدكتور أثير هلال الدليمي، الخبير في القانون الدولي والأمن السيبراني، أن الخطر الرئيسي في هذه الأجهزة هو اتصالها الدائم بالإنترنت واعتمادها على تطبيقات مرتبطة بخوادم وشركات قد تكون موجودة في دول مختلفة، بقوانين خصوصية متفاوتة. فالساعات الذكية تجمع بيانات حساسة مثل الموقع الجغرافي، معدل نبضات القلب، جودة النوم، وحتى الرسائل والإشعارات.

 

وقد رصدت تقارير سابقة قيام بعض الشركات باستخدام هذه البيانات لأغراض تسويقية أو بمشاركتها مع جهات مثل شركات التأمين دون إذن واضح من أصحابها. بل إن بيانات الساعات الذكية استُخدمت في قضايا جنائية للكشف عن تحركات المشتبه بهم، مما أثار جدلاً حول حدود الخصوصية.

 

التجسس المباشر وغير المباشر

التجسس على هذه الأجهزة لا يقتصر على الاختراقات التقنية، بل قد يحدث بطريقة غير مباشرة عبر سياسات خصوصية مبهمة تسمح للشركات بجمع وتحليل البيانات. وأظهرت دراسات أوروبية أن عدداً كبيراً من تطبيقات الساعات الذكية يرسل البيانات إلى خوادم متعددة دون تشفير كافٍ، مما يزيد احتمالية تعرضها للاعتراض والسرقة.

 

ثغرة في القانون.. وثغرة عند المستخدم

القوانين في كثير من الدول لم تلحق بعد بالتطور السريع للأجهزة القابلة للارتداء، ما يمنح الشركات حرية واسعة في استغلال البيانات. ويزيد الأمر تعقيداً أن أغلب المستخدمين لا يقرأون شروط الاستخدام الطويلة والمعقدة، ويمنحون موافقة غير واعية على مشاركة بياناتهم.

 

كيف تحمي نفسك؟

رغم هذه المخاطر، يمكن تقليل احتمالية التجسس باتباع بعض الخطوات، مثل:

•اختيار أجهزة توفر إعدادات خصوصية متقدمة.

•تحديث التطبيقات وأنظمة التشغيل باستمرار.

•تفعيل المصادقة الثنائية وكلمات مرور قوية.

•تعطيل خاصية الموقع عند عدم الحاجة إليها.

 

كذلك، بدأت تشريعات مثل اللائحة الأوروبية لحماية البيانات (GDPR) بوضع ضوابط صارمة على جمع البيانات واستخدامها، لكنها تظل غير كافية ما لم يصاحبها وعي اجتماعي حقيقي بخطورة نشر البيانات بلا ضوابط.

 

الخلاصة

يقول “الدليمي”: إن الإجابة عن سؤال “هل ساعاتنا الذكية تنقل بياناتنا؟” ليست بسيطة، فهي تعتمد على نوع الجهاز، وسياسات الشركة، ومدى وعي المستخدم. لكن المؤكد أن هذه الأجهزة تحمل جانبين متناقضين: فرصة لتحسين حياتنا، وخطر حقيقي على خصوصيتنا إذا لم نستخدمها بحذر.

دليل اطباء الاجواء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: