الدكتور محمد عبد الوهاب
عرض الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة فى المؤتمر الدولى الخامس الذى تنظمه كلية التربية للطفولة المبكرة بجامعة القاهرة عن ” الطفولة وتحديات العصر الرقمى لدراسته الحديثة المهمة عن” حقوق الطفل الدولية فى البيئة الرقمية، قواعد التمكين والحماية – دراسة عالمية فى ضوء وثيقة التعليق العام للأمم المتحدة لعام 2021 لحقوق الطفل فى البيئة الرقمية وتطبيقات القضاء ”
وتحدث المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى فى الجلسة الأولى عن الفلسفة التى تقوم عليها وثيقة التعليق العام رقم 25 لسنة2021 الصادرة عن لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة بتاريخ 2 مارس 2021 بشأن حقوق الطفل فى البيئة الرقمية على عدة أمور على النحو التالى:
أولاَ: التعليق العام الدولى يضع حدوداً فاصلة للحقوق الإنسانية للأطفال و يعيد ضبط العلاقة غير المتكافئة بين الأطفال وقطاع التكنولوجيا
وقال الدكتور محمد خفاجى، إن الرأى عندى أنّ الوثيقة الدولية المتمثلة فى التعليق العام رقم 25 لسنة 2021 الصادر عن لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل فى البيئة الرقمية يلقى عبئاً كبيراً أن الدول فى تحمل المسئولية عن توفير الإشراف التنظيمي على أداء الأطفال في العالم الرقمى، وكذلك محاسبة الشركات التى لم تراعِ مصالح الأطفال الفضلى عند عرضها الإعلانات عبر الإنترنت، كذلك أوجب التعليق العام الدولى المشار إليه أنه يجب أخذ رأى الأطفال فيما يتعلق بتطوير العالم الرقمي وإنشاء الأنظمة الحكومية المتصلة بحقوقهم الرقمية.
وصفوة القول أن التعليق العام الدولى يضع حدوداً فاصلة للحقوق الإنسانية للأطفال بحسبانها من أعظم إنجازات البشرية، بل وفي صميم الثورة الإعلامية والتكنولوجية المتلاحقة شديدة الاستمرار والتطور، إنه يعيد ضبط العلاقة غير المتكافئة بين الأطفال وقطاع التكنولوجيا.
وينبغى الإشارة إلى أن القواعد التى تضمنها التعليق العام جاء نتيجة مشاورات استمرت عامين قبل صدوره، وقد شاركت فيها غالبية الدول والمنظمات الحكومية الدولية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني، وقد تميز هذا التعليق العام وتفرد بمشاركة الأطفال فيه فقد سُئل أكثر من 700 طفل وشاب ينتمون إلى 27 دولة، عن آرائهم حول كيفية تأثير التكنولوجيا الرقمية على حياتهم بكل تفاصيلها، ومن ثم وجب أن يساعد التعليق العام في إعمال الحق في الوصول إلى الإنترنت بجودة عالية وبأسعار معقولة في جميع أنحاء العالم، وعلى الشركات أن تعطى الأولوية لمصالح الأطفال الفضلى، بهدف ضمان حمايتهم في البيئة الرقمية، كما يتم تخطّي الحواجز اللغوية بحيث يتمتع جميع الأطفال بفرص متساوية، وببرامج آمنة وفي مكانها الصحيح.
ثانياً: يتعين على الكبار إيجاد التوازن المطلوب فى الحياة الرقمية للأطفال بين التمكين والحماية.
ويضيف الدكتور محمد خفاجى يتعين على الكبار إيجاد التوازن المطلوب فى الحياة الرقمية للأطفال بين التمكين والحماية، ذلك أن التواجد على الشبكة الإلكترونية بالنسبة للأطفال أصبح جزءاً أساسياً من روتين حياتهم اليومي، إنهم يعيشون حياة أكثر اتساماً بممارسة النشاط الرقمي من الحياة نفسها التي يعيشونها، ومما لا ريب فيه أن وسائط الإعلام الرقمية تتيح للأطفال فرصاً هائلة للتعلم والمشاركة واللعب والعمل والتواصل الاجتماعى الحديث.
واستدرك، لكن يجب الاعتراف بأن التفاعل الإلكتروني قد يُعرض الأطفال لأشكال جديدة من الضرر يتعين التصدي لها، وينبغي علينا أن نساعد الأطفال على التصدي لتلك المخاطر، وعلينا أن نناقش قضيتين على درجة كبيرة من الأهمية القضية الأولى كيفية وصول الأطفال المتساوي والآمن إلى وسائط الإعلام الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والقضية الثانية كيفية تمكين الأطفال ومشاركتهم عن طريق وسائط الإعلام الرقمية، لنصل فى النهاية إلى إيجاد التوازن المطلوب بين التمكين من ناحية والحماية من ناحية أخرى.
وهناك حقيقة مهمة هى أن أطفال الأمس القريب واليوم وُلدوا في عصر الإنترنت ولا يمكنهم تخيل حياتهم بدون الإنترنت وأصبحت حياة معظم الأطفال مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، وهناك حقيقة مهمة أخرى على الوجه المقابل أنه يجب تسليط الضوء على مخاطر العالم الإلكتروني خاصة الملاحقات والتسلط على الفتيات من سن 15 حتى قبل بلوغهم 18 سنة عبر الإنترنت حيث كشفت التجارب الدولية عن ميل بعض الأطفال للانتحار بفعل الملاحقة والتسلط عبر الإنترنت مما يتعين مكافحته.
ثالثاً: حماية الأطفال من المحتوى الضار والمضلل وجميع أشكال العنف التي تحدث في البيئة الرقمية
ويشير الدكتور محمد خفاجى إن حق الأطفال في العالم الرقمي والاستفادة منه في تطوير الذات واشباع الحاجات النفسية والاجتماعية يعد من الحقوق الطبيعية للطفل في العصر الراهن، بيد أن الطفل كائن قاصر لا حول له ولا قوة، لذا فإن مسئولية حمايته من المخاطر تتضاعف إذ يتشارك فى هذه المسئولية الدولة من خلال تشريعاتها وأجهزتها المختصة بالطفولة وكذلك المجتمع بسلوكياته وتصرفته وأفعاله والوالدين أيضاً بحسن التربية والتوجيه، ومن ثم يجب حماية الأطفال من المحتوى الضار والمضلل وجميع أشكال العنف التي تحدث في البيئة الرقمية، حيث يحظر الاتجار بالأطفال، ويحظر العنف القائم على النوع الاجتماعي، ويحظر الاستغلال الجنسي، بما يحفظ للأطفال حقوقهم الرقمية بطريقة اَمنة.
ويتوجب على الدول الأعضاء اتخاذ تدابير قوية، بما في ذلك سن التشريعات، لحماية الأطفال من المحتوى الضار والمضلل، وحماية الأطفال من جميع أشكال العنف التي تحدث في البيئة الرقمية، بما في ذلك الاتجار بالأطفال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والعدوان الإلكتروني، والهجمات الإلكترونية وحرب المعلومات.
رابعاً: يجب ان نجعل من البيئة الرقمية وسيلة حمائية لحقوق الأطفال بصورة آمنة ومنصفة وعادلة
ويوضح الدكتور محمد خفاجى كيف تلعب البيئة الرقمية دوراً كبيراً فى حياة أطفال اليوم، حيث تؤثر ابتكارات التكنولوجيا الرقمية في حياة الأطفال وفى حقوقهم كذلك بشكل متسارع الإيقاع، وصارت التكنولوجيا الرقمية حيوية بالنسبة لحياتهم الحالية ومستقبلهم، لذا اصدرت لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة بتاريخ 2 مارس 2021 التعليق العام رقم 25 لسنة2021 بشأن حقوق الطفل فيما يتعلق بالبيئة الرقمية.
ومما لا ريب فيه أن البيئة الرقمية تتطور وتتوسع باستمرار، وتحتل أهمية كبرى في معظم جوانب حياة الأطفال، فالبيئة الرقمية لها وجهان الأول أنها تمنح فرصاً جديدة فى مجال حقوق الطفل، والثانى أنها تشكل أيضاً مخاطر على انتهاك تلك الحقوق أو تجاوزها، لذا يتعين علينا نحن الكبار أن نجعل من البيئة الرقمية وسيلة حمائية لحقوق الأطفال بصورة آمنة ومنصفة وعادلة، بمعنى أنه يجب احترام حقوق الطفل وحمايتها في البيئة الرقمية، بحيث نصل إلى الإندماج الرقمي الاَمن للطفل.